لم يعد يرسم لنفسه بل يرسم للآخرين: من الذاتية إلى الإنسانية في فن الرسم
رحلة البداية للفنانين
الرسم كثيراَ ما يبدأ كوسيلة للتعبير عن الذات، حيث يستخدم الفنانون الألوان والأشكال لعرض رؤاهم ومشاعرهم الفردية. يستخدم الرسم كأداة للتواصل، ولكن هذا التواصل يمكن أن يكون ذاتيًا في البداية، حيث يكون الفنانون في مرحلة استكشاف لأنفسهم وطريقتهم الفريدة في التعبير عن العالم من حولهم. ولذلك، قد يعد الرسم للظاهرة الذاتية بمثابة المرحلة الأولى لمعظم الفنانين.
العبور من الذات إلى الآخر
كما ينمو الفنان ويتحسن، تبدأ رؤيته في التوسع، ويكتشف قدرته على التأثير في الآخرين من خلال أعماله. يبدأ في الرسم ليس فقط لنفسه ولكن أيضاَ للآخرين. يصبح الرسم وسيلة لتوصيل رسالة، لإيصال فكرة، لإثارة المشاعر، وهنا يبدأ العمل الفني بالتأثير على الجمهور.
فن الرسم كخدمة للمجتمع
مع الوقت، غالباً ما يقف الفنانون على حدود ما بين الذاتية والإنسانية في أعمالهم. يخلقون قطع فنية تتحدث إلى جمهور أوسع، بينما تحافظ في الوقت نفسه على التعبير الفردي والمميز. تصبح الأعمال الفنية بمثابة مرآة تعكس المجتمع والبشرية، فهي تحث الناس على التفكير والتأمل في معانيها الأعمق. في هذه المرحلة، يعود الرسم للخدمة وليس للذات، فليس الهدف منه فقط التعبير عن المشاعر الشخصية للرسام، بل يصبح هدفاً أوسع وأعمق ليشمل الآخرين والمجتمع بشكل عام.
حالة الفنان الذي يرسم للآخرين
الفنان الذي يرسم للآخرين هو من يحول تجربته الشخصية إلى تجربة جماعية، من خلال تقديم قضايا جماعية في عمله. يركز هؤلاء الفنانون على الرسالة الكلية التي يمكن أن يحملها عملهم الفني للآخرين. هم يريدون أن يفتحوا حواراً مع الجمهور ويشجعوهم على المشاركة في تفسير قصصهم. يصبح للرسم في هذه الحالة دور فعال في تغيير المجتمع والعالم وبث الأفكار الجديدة والقضايا الجدية.
الذاتية في العمل الجماعي
حتى وإن بدأ الفنان في الرسم للآخرين، لا يمكن النكران أن الذاتية لا تزال تلعب دوراً في تشكيل عملهم. إن قدرة الفنان على تقديم تجربته الشخصية بطريقة تخاطب الجمهور يتطلب مهارة استثنائية. إن ذاتية الفنان تبقى جزءًا لا يتجزأ من العمل الفني، حتى لو بدأ العمل يركز أكثر على الآخرين.
خاتمة
قد يكون الإنتقال من الرسم للنفس إلى الرسم للآخرين عملية طبيعية للفنان. إذا كان الرسم في البداية وسيلة للتعبير عن الذات، فإنه مع الوقت يصبح وسيلة للتواصل والتأثير في الآخرين. يمكن أن يكون هذا التغيير التطور الطبيعي للفنان، ولكنه يتطلب أيضًا التزامًا بقضايا أكبر من الفرد ورغبة في الإشراك والتأثير في العالم من حولهم.