تدهور الإقتصاد السريلانكي وهروب الرئيس
احتل المتظاهرون الذين طالبوا باستقالة الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا والحكومة مكتب الرئيس واقتحموا قصره، في حين ذكرت تقارير إعلامية أن راجاباسكا هرب من البلاد في تداعيات متصاعدة لاحتجاجات تشهدها البلاد إعتراضاً على ضعف الأوضاع الاقتصادية وتصاعد الاحتياجات الأساسية على الافتقار من وقود وسلع غذائية.
كان اقتصاد سريلانكا يعاني من انخفاض هائل في الإيرادات العامة للدولة بسبب التخفيضات الضريبية غير المسبوقة التي تمت الموافقة عليها في عام 2019، ثم تضرر الاقتصاد من جائحة Covid-19 في عام 2020 حيث أدى إغلاق الطيران الدولي إلى انهيار السياحة.
ووفقًا لـسي إن بي سي، تشكل السياحة حوالي 5% في السنوات التي سبقت Covid، لكنها انخفضت إلى أقل من 1% في عام 2020.
ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي في يونيو الماضي، ففي الوقت الذي يتصاعد فيه التضخم أدي المستوي المنخفض جدا للإحتياطات الأجنبية إلي إعاقة إستيراد السلع الأساسية.
تأثر الاقتصاد السريلانكي بشكل كبير بانخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، مما أثر سلبًا على العديد من القطاعات، بما في ذلك الزراعة التي تعتمد على الأسمدة المستوردة، والتي شهدت ارتفاعًا في الأسعار خلال الحظر الذي فرضته الحكومة عام 2021 على استيرادها.
ذكرت مدونة البنك الدولي أن وباء كورونا ترك ندوبًا حقيقية على الاقتصاد السريلانكي، فبالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالسياحة، لا يزال قطاع النقل يعمل بنسبة 14% أقل مما كان عليه قبل إنتشار الوباء، ويبلغ العجز المتبقي في قطاع الإقامة 54%.
من أجل معالجة أزمة نقص الديزل الحالية وتجنب التأثير طويل الأجل على الصادرات والناتج المحلي الإجمالي فتسعي الحكومة إلي التوصل لحل، إلى جانب دخولهل في مناقشات للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي.
علي مدي العقود، كانت سريلانكا تعاني من عجز مزدوج، عجز مالي وعجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وبلغ التضخم 15٪ على أساس سنوي في مارس، وأصبحت خدمة الدين صعبة.
انخفض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020 إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2000، في حين تجاوز ديون الحكومة المركزية وفقًا لبيانات عام 2015 أكثر من 77% من الناتج المحلي الإجمالي.
في أبريل 2022، اندلعت احتجاجات تطالب باستقالة رئيس البلاد، تلتها في مايو استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا وتعيين رانيل ويكريمسينغه خلفًا له في منصبه.
ارتفعت الأسعار في يونيو وتم تطبيق نظام عمل 4 أيام في الإسبوع، لتوفير يوم إضافي لزراعة الطعام لكنها لم تساعد كثيرًا، وأعلن رئيس الوزراء أن الاقتصاد في حالة انهيار، وأغلقت المؤسسات الحكومية والمدارس بسبب نقص الوقود، وارتفع التضخم إلى 57%.
ونفي البنك الدولي في مايو وجود أي خطط لتقديم تمويل جديد لسريلانكا، ويوي ان هناك حاجة إلي إصلاحات رئيسية لتمكين التنمية الشاملة بشكل كامل.
وقال فريق من صندوق النقد الدولي الذي زار البلاد في يونيو إن مناقشاته مع الحكومة ركزت على تصميم برنامج إقتصادي شامل لتصحيح اختلالات الاقتصاد الكلي واستعادة القدرة على تحمل الدين العام وتحقيق إمكانات النمو في سريلانكا.
خلال الزيارة، تقدمت المناقشات تقدمًا كبيرًا، بما في ذلك الحاجة إلى تقليل العجز المالي المرتفع مع ضمان الحماية الكافية للفقراء والضعفاء” وفقاً للتقرير.
ويري خبراء الصندوق أنه “بالنظر إلى مستويات الإيرادات المنخفضة، هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات ضريبية بعيدة المدى لتحقيق هذه الأهداف”، وتشمل التحديات الأخرى التي يجب معالجتها السيطرة على المستويات المرتفعة للتضخم، ومعالجة ضغوط ميزان المدفوعات الشديدة، والحد من نقاط الضعف المتعلقة بالفساد، وإطلاق إصلاحات تعزز النمو.
ومع ذلك فإن البنك الدولي لديه نظرة تشاؤمية حول إمكانية تنفيذ ذلك: “لقد حان وقت الإصلاح ومع ذلك فإن الإختلالات الحالية في الإقتصاد الكلي يمكن أن تحبط تطوير إمكانات إنتاجية جديدة”.